مراجعة فيلم Doctor Strange

– ترجمة ديما مهنا

يحمل أحدث أفلام عالم مارفل السينمائي بعض التناقض في داخله، فهو يبدو مألوفاً للغاية، لكنه في نفس الوقت مختلف كثيراً عما رأيناه سابقاً. من الناحية الهيكلية هو فيلم آخر يحكي قصة منشأ بطل خارق، لكنه من ناحية ثانية يتعمق في جوانب جديدة ونفسية وعميقة لم نشهدها في أي من أفلام المجلات الهزلية من قبل.

يلعب الممثل Benedict Cumberbatch دور البطل الذي يحمل الفيلم اسمه، الطبيب الجراح العبقري والمتغطرس Stephen Strange. وبعد تعرض Strange لحادث سيارة تتشوه يداه، ما يضع حداً لحياته المهنية، لكنه يرفض أن يقبل بالواقع فيدفع أموالاً طائلة في تجربة كل التقنيات الجراحية التجريبية المتوفرة لإصلاح جسمه. وعندما لا تتمكن أية عملية جراحية من مساعدته، يتوجه الطبيب اليائس إلى سبل أخرى وينطلق في رحلة إلى مكان يدعى Kamar-Taj، حيث يعتقد بأنه سيجد طرقاً أكثر روحانية لاستعادة حياته كما كانت سابقاً.

لكن بدلاً من العثور على شخص يمارس أي نوع من الطب، يلتقي الطبيب بالـ Ancient One (تلعب دورها Tilda Swinton)، وتتمكن الساحرة الأعلى Sorcerer Supreme، والتي يتضمن أتباعها العديدون السحرة الأقوياء Mordo (يلعب دوره Chiwetel Ejiofor) و Wong (يلعب دوره Benedict Wong)، من تعليم Strange أشياءاً مذهلة سرعان ما تساعده على تجاوز شكوكه الأولية، وتؤدي به إلى أن يصبح أحدث طلابها، طالب يبدي مهارة كبيرة، ويبدو بأنه مقدر لأشياء عظيمة.

بعد صدور العديد من أفلام المجلات الهزلية حتى الآن، لا مفر من ظهور أصداء لشخصية Doctor Strange في الأفلام السابقة. إن صيغة الرجل الثري والمتغطرس والساخر الذي تعاكسه الحياة بعد تجربة اقتراب من الموت ثم يتحول إلى بطل حقيقي هي في نهاية المطاف ما بنت عليه Marvel مع شخصية Iron Man منذ 8 سنوات. وبعضهم سيلحظ وجود أصداء من فيلم Batman Begins عندما يسافر Strange خارجاً ويدرس مع مجموعة سرية، لكن ولأكون عادلاً، فإن التفاصيل وحتى دوافع Strange في الذهاب إلى هناك مختلفة تماماً. لكن مع أصداء أو من دونها، لا يزال هناك متعة خاصة في قصة المنشأ هذه، لذا فإن الأسباب وراء بدء صانعو الفيلم قصة Strange بهذه الطريقة هي مفهومة (بما في ذلك المخرج Scott Derrickson والمؤلفين Dericckson و C. Robert Cargill و Kevin Feige المنتج والعقل المدبر في استديوهات Marvel).

ومع ذلك، أتمنى لو أن فيلم Doctor Strange لا يبدو ممنهجاً ومرسوماً بشكل مسبق كما يحدث في بعض الأحيان. قد تختلف الأحداث لكن في نهاية المطاف نجد بأنه يتبع المسار نفسه (ويعاني من بعض المشاكل نفسها التي تعاني منها أفلام Marvel الأخرى، والتي أنوه بأنني أحب معظمها بالطبع)، مع قصة حب من جهة وشرير تشعر بأن شخصيته غير مكتملة.

إن Rachel McAdams ممثلة محبوبة بالفطرة والتي تساعدك على التفاعل مع صديقة Strange وحبيبته السابقة، زميلته الطبيبة Christine Palmer التي تلعب دورها. لكنها لا تحصل في نهاية المطاف على ما يكفي من الأمور الملفتة للنظر لتقوم بها أكثر من بعض ردود الفعل المسلية للأشياء التي تحدث من حولها.

أما من ناحية الشرير في الفيلم، فقد قيل الكثير حول كيف أن الأشرار هم غالباً الحلقة الضعيفة في أفلام عالم مارفل السينمائي، وعدو Strange هنا Kaecilius لن يفعل الكثير لتغيير هذه الفكرة. إن فكرة أداء الممثل Mads Mikkelsen دور الشرير مثيرة للغاية، ولا يعني كلامي أنه ليس لديه شيء ليفعله بالفيلم، بل بالطبع هناك الكثير من المشاهد المثيرة بينه وبين Cumberbatch، لكن Kaecilius في نهاية المطاف لا يحصل على فرصته الكافية في الفيلم ليشعر المشاهد بأنه شخصيته قد تم رسمها بشكل متكامل. على الرغم من أننا نحصل على بعض المعلومات حول قصة خلفيته وعلاقة مع الـ Ancient One، لكن كان يمكن استخدامها بطرق أكبر وأكثر عمقاً. إن أداء Mikkelsen والسحر الذي نرى Kaecilius يستخدمه يأسر المشاهد بما يكفي ليجعله شريراً ملائماً، لكن ليس لدرجة تجعله متميزاً وبارزاً.

ما يجعل فيلم Doctor Strange ممتعاً في نهاية المطاف هو الممثلين والمؤثرات البصرية. فهو يضم طاقماً مذهلاً من الممثلين وهناك لحظات عندما يتشارك فيها نجوم مثل Cumberbatch و Swinton و Ejiofer مشهداً واحداً على الشاشة، يصبح من الصعب عدم الابتسام ببساطة لرؤية أولئك الممثلين الموهوبين منغمسون كلياً في أدائهم ضمن عالم مارفل السينمائي. وإذا وضعنا جانباً الجدل القائم حول تغيير الـ Ancient One من المجلة الهزلية، فإن حضور Swinton الفريد والرقيق يبدو في مكانه تماماً هنا، وهي تلعب دور هذه الشخصية الهادئة وفي نفس الوقت القوية للغاية. ويضيف Ejiofer قوته المعتادة وحضوره الراقي إلى شخصية من الواضح أنه يتم تحضيرها للظهور بشكل أكبر في أجزاء لاحقة، في حين أن أداء Cumberbatch رائع جداً بدور Strange، سواء كان يلعب دوره وهو في أوج قوته ويعرف كل شيء أو كشخص يشعر بالرهبة مما يراه. أما Wong فهناك ديناميكية مسلية واضحة بينه وبين Cumberbatch والتي نأمل أن تتطور أيضاً في أفلام أخرى.

من ناحية المؤثرات البصرية فإن فيلم Doctor Strange مذهل للغاية. فلقد قام Derrickson بعمل رائع في تصوير مؤثرات تموج العالم والعقل في الفيلم، والتي تم تقديمها ببراعة وإتقان في المواجهة الافتتاحية بين Kaecilius والـ Ancient One. ولقد نوه البعض أن بعض اللقطات في العرض الدعائي تذكرنا بفيلم Inception، لكن مؤثرات Doctor Strange البصرية تمتلك مجالاً أوسعاً بكثير والذي يتيح لها أن تبدو جديدة ومليئة بالوحي من هذه الناحية. هناك بعض اللحظات السريالية المذهلة التي تبرز حقاً في الفيلم، سواء كانت تتضمن أبنية تطوى على أنفسها أو نوافذ غامضة يمكن تغييرها، مثل قنوات التلفاز، للوصول إلى أجزاء مختلفة من العالم. كما أحببت بشكل خاص مشهد شبيه بالكابوس يتضمن الكثير من الأيدي… وسأترك الأمر عند هذا الحد.

كما سيشعر محبو مجلات Marvel الهزلية بالسعادة عند رؤية أن رسومات Doctor Strange الأصلية، التي وضعها Steve Ditko المبتكر الشريك للشخصية، لم تنتس بل تم تقديرها بالشكل المناسب، وهناك بعض المشاهد المثيرة من البعد الآخر التي يبدو جلياً بأنها تأثرت من وصف فنان Marvel الشهير لمغامرات Strange في فترة الستينيات. وفي خضم كل هذا، يبدو Cumberbatch بأنه الخيار المثالي للعب دور Strange، فشخصيته التي تحمل مزيجاً يجمع بين الوقار والغرابة بعض الشيء تتيح له أن يبدو في مكانه تماماً، حتى في خضم السيناريوهات التي تصبح غريبة على نحو متزايد. ولا ننسى روعة الموسيقى التصويرية التي قام بتأليفها الملحن الشهير Michael Giacchino التي تساعد على دفع الآكشن والإثارة في الفيلم.

تحمل المعركة النهائية في فيلم Doctor Strange مزيجاً من الإيجابيات والسلبيات، حيث يُظهر Strange تصميمه بطريقة ذكية، لكن يبدو كما لو أن بعض الشخصيات الثانوية موجودة هناك فحسب، وخاصة بعدما أشار الحوار أنهم سيلعبون دوراً أكثر أهمية. لكن أكبر إنجاز للفيلم عند نهايته هو أنه ينجح بتوسيع نطاق عالم مارفل السينمائي. حيث أن إدارج هذا النوع من السحر والقوى على المستوى الذي رأيناه هنا لا يشبه أي شيء رأيناه في هذا العالم حتى الآن، وفكرة رؤية Strange يتفاعل مع أبطال Marvel الآخرين مستقبلاً مثيرة للغاية.

الخلاصة

مع 14 فيلم ضمن عالم مارفل السينمائي حتى الآن، ومع العديد من أفلام المجلات الهزلية الأخرى التي تستمر بالصدور هذه الأيام، فإن قصة منشأ Doctor Strange قد تبدو مألوفة كثيراً بعض الشيء، وتحتوي على الكثير من نقاط القوة (مثل البطل بشخصيته الرائعة واللحظات المثيرة والمسلية عندما يكتشف قدراته الجديدة)، وعلى بعض نقاط الضعف (مثل الشرير الذي يبدو بأن شخصيته غير مكتملة) التي أصبحنا نتوقعها من هذه الأفلام. لكن العوالم الأخرى والمؤثرات التصويرية التي يأتي بها الفيلم إلى عالم مارفل السينمائي مذهلة ومليئة بالإثارة، مع الكثير من الإمكانات للمستقبل. والآن وبعد انتهاء قصة منشأه، أتطلع قدماً لرؤية ما الذي يخبئه لنا تالياً الطبيب الرائع.

– هذا الخبر من موقع: IGN الشرق الأوسط‬‎ –